غيرة الطفل الأكبر من مولود جديد سؤال تكرر و سيتكرر بعدد المرات التي سيولد فيها إخوة جدد.
لأنه في الحقيقة شعور مؤلم للوالدين أن يريا أن طفلهما المحبب المدلل يعاني إثر وصول أخ جديد للمنزل
ستتعرف في مقالي اليوم عن الأعراض (العامة و ليس الحصرية) التي تظهر عند الطفل الذي يشعر بالغيرة, و التدابير التي يمكنها أن تساعدك في هذه التجربة.
كيف يمكنني تجنب غيرة الأخ الأكبر عند ولادة طفل جديد ؟
و لماذا تريد بالضرورة أن تتجنبها ؟
في كثير من الأحيان ينفي الآباء شعور الطفل الأكبر بالغيرة أو يتغاضون عنه, و ذلك راجع للصورة السلبية الملتصقة بهذا الشعور عامة و التي توحي بسوء أو ضعف صاحبها. ليس ذلك فقط, بل أيضا لأنهم يحسون أن حدوث ذلك يعني أنهم لم يستطيعوا التعامل مع الوضع, و أن عدم حدوثه يعني أنهم عرفوا كيف يسيطرون عليه.
بدل السعي لتجنبها بأي ثمن, تقبلها, و تعامل معها, إرو النبتة بما تحتاجه, و لا تزد الطين بلة.
و لأن هذا السؤال ليس في محله, أحيلك إلى السؤال الموالي.
كيف يمكنني التعامل مع غيرة الأخ الأكبر عند ولادة طفل جديد ؟
الغيرة شعور صحي، و لا يدل أبدا على سوء أو ضعف أو فرط حساسية صاحبه، هي ألم نفسي راجع لمجموعة من التصورات التي تولد عند الطفل, و تختلف حدتها حسب شخصية الطفل.
الطفل عامة مجبول على أن يسعى ليكون مركز اهتمام والديه بغض النظر عن ترتيبه وسط الأسرة, و الطفل الأكبر أكثر عرضة للغيرة بحكم أنه تعود دائما على أن يحتل المركز و يحظى بحب الجميع و اهتمامهم بدون منازع و لا شراكة.
يحتاج منا الطفل آنذاك أن نطمئنه أن لا شيء سيتغير في حبنا له, يحتاج للدفء و التفهم و التعاطف مع إحساسه لا نكرانه, و خاصة عدم إضافة قلقنا إزاء شعوره, على قلقه إزاء مكانته و حبنا له.
هل هذا يعني أن هذا الإحساس الطفل فقط هو المسؤول عنه ؟ لا, الكثير من الممارسات التي يمارسها الآباء و التي أحيانا جرت عليها العادة تؤثر أيضا, سنتناولها بعد قليل.
ما هي التغيرات التي يمكن أن تطرأ على طفلي ؟
هناك مجموعة من الأمور التي قد تظهر عند الطفل الأكبر سواء أثناء فترة حمل الأم أو بعد الولادة و أذكر منها السلوكيات التالية الأكثر شيوعا :
– قد يلاحظ عند الطفل تراجع في بعض الجوانب، كأن يعود للتبول ليلا (أو نهارا) بعدما كان نظيفا، أو أن يرفض النوم في غرفته, أو أن تظهر عنده تمتمة في الكلام.
– قد يصبح الطفل عنيفا بدون سبب, و قد يظهر عنفه تجاه أشخاص ليست لهم أي علاقة بالموضوع و لم يسببوا له أي إزعاج
– يبدأ في القيام بأفعال مثل الرضع, كأن يطلب بأن يحمل, أن يشرب من قارورة الرضع, أن نغسل له أو أن نبدل له ملابسه بعدما كان يلبسها وحده.
– قد يصبح مطالبا لكثير من الاهتمام من والديه أو إحداهما.
– قد يصبح معاندا جدا و يسعى للقيام بعكس ما يطلب منه تماما لكي يجدب الاهتمام إليه.
– قد يظهر أيضا عدوانية تجاه الأغراض و الأشياء المحيطة, كأن يركل سريرا أو يغلق بابا بقوة أو يكسر أو حتى أن يرمي أغراضا من النافذة.
– تعبير الطفل بوضوح أن والديه لا يحبونه
– و هناك بعض الأطفال الذين يحولون ألمهم النفسي إلى مرض عضوي جسدي كردة فعل لا واعية, و هذه من الحالات التي غالبا لا يخطر للوالدين سببها الرئيسي.
كما سبق و ذكرت, ليس المطلوب منك أن تواجه هذه الأعراض لأنها ليست مهمة في حد ذاتها, حاول أن لا تركز عليها أبدا و أن لا تحاول جاهدا تقويمها و ركز على تعاطفك مع الطفل, كلما أساء التصرف كلما كان محتاجا أكثر للبنزين : الحب و الإحتواء.
أما إن لاحظت أن الأمور تزيد عن حدها و تتحول لمشاكل عضوية كبيرة فمن المهم أن تزور طبيبا أو مختصا نفسيا.
“الحب هو بنزين الطفل, بدونه ينتكس ” إزابيل فييوزا
ما الذي يجب علي تجنبه قطعا ؟
– عدم إظهار اهتمام مبالغ فيه و مفاجئ بالطفل الأكبر, مجرد القيام بذلك يجعله يشعر أن هناك أمر غير طبيعي يحدث معه
– تجنب المقارنة تماما بين الأخوين
كما تعرف دون وعي جرت العادة أن تذكر الأم أو الأب في كل حين ما كان عليه الطفل الأكبر و ما عليه الآن الطفل الأصغر.
ألا تسمع مرارا عبارات مثل :
هذا الصغير ينام بسرعة على عكس فلان الذي كان نومه صعبا
طفلي الأكبر كان أكثر بكاء
حملي بطفلي الأول صعب من حملي بالثاني, أو حمل البنت أصعب من حمل الولد..
– تجنب المقارنة حتى و إن كان ذلك بترجيح كفة الولد الأكبر في المقارنة, أو التقليل من قدر الصغير ليرضى الكبير
كأن يقول أحدهم للطفل : الرضيع يقضي حاجته في ملابسه ليس مثلك أنت نظيف و مجد. هذا يعطي للطفل إحساسا أنه في علاقة تفاضل مع أخيه و يجب أن يكون دائما أحسن منه.
و ليس ذلك فقط, فإن هذا يجعل الطفل لا يثق في مصداقية الأبوين, و حقيقة حبهما للطفلين
– تجنب خلق منافسة بين الإخوة.
أرجوك, إنها من أسوأ العادات أن تقول لطفل, تعال قبلني و إلا سيقبلني أخوك, أنت لست إبني فلان هو إبني. فلان يعرف و أنت لا تعرف, فلان يفعل و أنت لا تفعل و ما إلى ذلك.
لن تستفيد شيئا من ذلك غير تشويه علاقتهما ببعضهما و خلق الضغينة في قلب الطفل تجاه أخيه حيث يجد نفسه على الدوام مضطرا ليثبت عكس ما يقال أو لكي لا يتفوق عليه أخوه أو لا يأخذ نصيبه من الحب. ثم إننا نساومه بذلك على حبنا له و نضع شروطا له و هذا سيئ جدا جدا.
– تجنب أن تظهر الكثير من الحيطة و الحذر على الرضيع خوفا من الطفل الأكبر, هذا سيسبب له استياءا و يجعله يشعر كأنه الغول الذي يجب أن نخاف منه على الحمل الوديع. كانت هذه من أكثر المشاكل التي واجهتني عند ولادة طفلي الثاني, فما إن كان يقترب ابني الكبير من الغرفة حتى يصرخ الجميع. نعم لا بد من حماية الرضيع لكن مع إعطاء الطفل مساحة كافية ليتعرف على هذا المولود الصغير الذي يدعى أخوه.
ما الذي يمكنني القيام به لمرافقة الطفل الأكبر ؟
– أثناء الحمل و حتى بعد الولادة, إن كانت الأم متعبة فليحاول الأب أن يستمر في قضاء وقت مع الطفل الأكبر و أن يمنحه الوقت و الحنان الذي يحتاج له, أن يستمر في القيام بنزهات معه. فليحاول الأبوين أن يجدا توازنا حتى يستمر روتين حياته كما كان عليه في السابق.
– أحيانا يتعلق الطفل الأكبر بالأم خاصة أثناء الحمل, فلتحاول حين ذاك أن تقضي وقتا نوعيا معه و أن تأخذه معها حينما تخرج للمشي و قضاء الأغراض و أن تشبعه حبا
– من المهم أن يحكي الأبوين للطفل الأكبر, خلال مرحلة الحمل أو بعدها, عن ولادته و الهدايا التي أحضرها الزوار له, و الحفل الذي أقيم, ثم نريه كل الصور الممكنة المتعلقة بولادته و رضاعته و العناية به و الحفل و أي صور أخرى متعلقة بالموضوع
– هناك من يشرك الطفل في شراء ما يلزم الرضيع و هناك من لا يفعل, ليست هناك قاعدة عامة بل يتوقف الأمر على مدى تقبله لذلك, إن أظهر حماسا و رغبة في ذلك فسيكون أمرا مفيدا أن نعطيه إحساسا بأنه يساهم في الإعدادات اللازمة, و إن أظهر رفضا و عدم رضى, فمن الأفضل عدم إقحامه في الأمر. و لا ينسى الأبوين أن يشتريا بعض القطع الجديدة له أيضا أثناء مراحل الإعداد للمولود.
– يمكن أن نشتري للطفل هدية لتهنئته على ولادة أخ له (لأن الرضيع لن يحضر معه هدايا !)
أيضا إن استطعتم أن تطلبوا من بعض المقربين أن يحضروا هدية للطفل الأكبر أيضا و لو شيئا بسيطا فسوف يسره ذلك كثيرا
– محاولة عدم ذكر المولود في أي شيء يعيق تنفيذ ما يرغب به الطفل الأكبر, كأن تقول الأم أنها متعبة و لا تستطيع اللعب الآن و أنها ستلعب معه لاحقا حينما ترتاح أو أن شخصا آخر يمكنه ذلك, عوض أن تقول أنها مشغولة مع الصغير وليس لديها الوقت.
– لاتهول الأمور, إسمح للطفل بحمل أخيه بين يديه و لمسه و تقبيله و الإستلقاء بجانبه مادمت حاضرا, و علمه كيف أن الصغير ضعيف, و ما لا يجب القيام به, الجميع يحمله و يقبله إذا لماذا هو لا ! هذا لس عدلا و في حد ذاته قد يولد عنده رغبة في إيذاء الصغير. أما إن حسسته أنك تثق فيه و أنه قادر على حماية و الإعتناء بأخيه فعلى العكس سيسعى لأن يكون جديرا بالثقة التي وضعتها فيه. و إن أساء التصرف لا تظهر له سوء ظنك به بل بين له الضرر و علمه كيف يفعل في المرة القادمة.
ماذا إن ضربه ؟
لا تعاقبه, لن يفيد الأمر و لن يزيده إلا رغبة في الإنتقام
بكل حزم فهمه أن هذا سلوك مرفوض قطعا و أنه ليس من المسموح أبدا أن نؤدي بعضنا البعض داخل الأسرة ( و خارجها طبعا), و المقصود هو أنك لست بصدد حماية الصغير منه لكن بصدد منع هذا التصرف تجاه أي فرد من أفراد الأسرة بما فيهم هو. و لا بد أنك فهمت من بين السطور أن هذا يتطلب أن يكون قانون الضرب مرفوضا في المنزل, و إلا كيف ستضربه و تطلب منه أن لا يفعل بنفس ما تقوم به ؟
– أطلب مساعدته في الإعتناء بالرضيع, كأن يحضر الملابس و يشارك في التحميم, و يأخذ الحفاظة للقمامة …من باب تحميله المسؤولية و إعلاء قدره
– يجب أن يفهم الطفل أن أخاه الرضيع ليس ملكا له, هو ليس بغرض أو لعبة يمتلكها, و لم يتم إنجابه من أجله. هو إنسان مستقل بذاته يجب احترامه.
خلاصة :
الأم تكون في ظروف ليست بالهينة أثناء الحمل و الولادة و الأشهر التي تليها, لذا فإن مساعدة الأب مهمة و أساسية جدا في هذه المراحل من أجل مرافقتها و مرافقة الإبن الأكبر في هذا التحول الأسري, بل و العائلة المحيطة أيضا, فقد كان يقال قديما, “تلزم قبيلة بحالها لرعاية طفل”.
[…] الأمر عادي و هي مسألة وقت و ستمر كما أنك ستجد في مقال غيرة الطفل من المولود الجديد مجموعة من النصائح […]