التربية الإيجابية

14 أدبا من آداب الأكل و الشرب عن الدكتور راتب النابلسي

كثرت اليوم قواعد الإيتكيت في تفاصيل حياة الإنسان و أول ما طالته هو طرق الأكل و الشرب و التقديم و ما إلى ذلك, و كل ذلك جيد إذ يرقى بالمرء في سلوكياته و يشرف بشريته التي كرمها الله على ما عليه سائر المخلوقات.

لكن في الحقيقة نحن المسلمون قبل أن نتعلم شيئا جديدا قد يكون أحيانا مبالغا فيه, أول ما يجب أن نحرص عليه هو باقة الآداب الشاملة التي تغنى بها سنة نبينا و الإرث العظيم الذي تركه لنا رسولنا الحبيب صلى الله عليه و سلم.

من بين الكثير من الآداب التي تشمل جوانب عدة من حياة الإنسان و التي تكلم عنها شيخنا الجليل راتب النابلسي في مجلده الثاني الثري ” أولادنا الورقة الرابحة الأولى”, إخترت أن أنقل لكم باختصار مجموعة من الآداب المتعلقة بعلاقة الإنسان مع الأكل و الشرب

هذه الآداب يجب على كل مسلم أن يتحلى بها و أن يحرص على تعليمها برفق لأبنائه, فكما ذكرت في المقال السابق 11 موعظة من كتاب “أولادنا الورقة الرابحة الأولى” المجلد الأول  أن أم الإمام مالك كانت تقول له ” اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه”

 

1-الوضوء للأكل

حث النبي صلى الله عليه و سلم على الوضوء للأكل، و يقصد بهذا الوضوء غسل اليدين و الفم, و ذلك قبل الأكل و بعده.

قال صلى الله عليه و سلم “بركة الطعام الوضوء قبله، و الوضوء بعده” أخرجه الترمذي و أبو داوود و أحمد

لذلك فلا بد أن نقف في كل مرة و عند كل وجبة سواء داخل المنزل أو خارجه, للتأكيد على أطفالنا و التأكد من أنهم قاموا بهذا السلوك قبل الإلتحاق بالمائدة لغرس هذه العادة فيهم منذ ليونة عودهم.

و إنه من المعروف اليوم أن الجراثيم التي من الممكن أن تنتقل للأيدي هي كثيرة و في كل مكان, و كل منظمات الصحة تدعو للنظافة قبل الأكل لتفادي الأمراض، الأمر الذي دعى له رسولنا كل مسلم منذ زمن طويل.

2- التسمية و الحمد

من آدب الأكل و الشراب أيضا تسمية الله قبل الشروع فيه، و حمده بعد الإنتهاء منه. عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :” إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسم الله, فإن نسي في أوله فليقل بسم الله في أوله و آخره” الترمذي و أبو داوود .

ثم الدعاء بعد الإنتهاء من الطعام, و لذلك أدعية كثيرة منها ما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا أكل أو شرب قال ” الحمد لله الذي أطعما و سقانا و جعلنا مسلمين” الترمذي و أبو داوود

و ما أسهل على الطفل أن يتذكر الأذكار و يتعود عليها منه عندما يصبح شخصا بالغا, لذلك فإنك بتعليمها له الآن تكون قد علمته خيرا كثيرا سيلزمه طيلة حياته.

3- كيفية الأكل

و لا تنس أن تحث إبنك على الأكل مما يليه و بيمينه و أن لا تطيش يده في الصحن.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعمر بن أبي سلمة حينما كان غلاما : “يا غلام, سم الله, و كل بيمينك, و كل مما يليك” متفق عليه

4- النهي عن الأكل متكئا

ليس من كمال أدب الإنسان أن يأكل متكئا, ثم إن لذلك أضررا صحية من المحبذ تجنبها, إلا إذا كان الأمر سببه عجز الإنسان عن الجلوس

5- إنتقاد الأكل

علم إبنك أن لا يعيب الطعام أبدا, و لا تكن له قدوة في ذم النعمة, لنقتد برسول الله صلى الله عليه و سلم إذ وصفه أبو هريرة فقال ” ما عاب النبي طعاما قط, إن اشتهاه أكله, و إن كرهه تركه” متفق عليه

و إن سأل مُحضِّر الطعام أو الشخص المضيف لكم هل أعجبكم الأكل  فامدحوه له لجبر خاطره و شكره على مجهوده.

6- عدم الإكثار من الطعام

علم ابنك و حثه على عدم الإكثار من الطعام, و التوقف عند أخذ الكفاية و عدم إدخال الطعام على الطعام. قال النبي صلى الله عليه و سلم ” بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه, فإن كان لا محالة فثلث لطعامه, و ثلث لشرابه, و ثلث لنفسه”

7- الحديث حول المائدة

من المستحب التكلم مع أطفالك على المائدة و خلق جو من الأنس على أن يكون حديثا نافعا ليس فيه من سفاسف الكلام. فبذلك تحقق نفعا تربويا و توطد العلاقة و تزرع فيهم هذه العادة النبوية.

8- الكبير ثم الصغير

لا يبدأ الصغار الطعام قبل أن يأكل الكبار, و أكبر من في الجلسة.

لكن و في المقابل يجب على الكبير أيضا أن لا يشرع في الأكل حتى يحضر الجميع بما فيهم من يقدم الخدمة و الصغار.

يعني باختصار لا يشرع أحد في الأكل حتى يجتمع الجميع، و لا يبدأ الصغار قبل الكبار. و إن كانوا في دعوة لا يشرع أحد في الأكل قبل أن يأذن لهم صاحب الطعام.

9- الحفاظ على النعمة

من المهم جدا تعليم الأطفال المحافظة على نعمة الطعام و عدم تبذيرها, و ذلك يكون بالحث عليه و أيضا بإعطاء المثل في سلوكيات الأبوين, فلا يعقل أن ترمي الأم نصف الأكل في القمامة و أن لا ينتبهوا لكمية الخبز الضائع و يطلبوا من الطفل في المقابل إكمال الصحن و عدم إتلاف الأكل و الحفاظ على نعمة الله.

10- الشرب على ثلاث مرات

الشرب على ثلاث مرات هو من آداب الشرب و من سنة رسولنا الحبيب, و هو مما يتوجب على كل مسلم تعليمه لأبنائه

عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله علي و سلم قال :” لا تشربوا واحدا كشرب البعير, و لكن اشربوا مثنى و ثلاث, و سموا إذا أنتم شربتم, و احمدوا إذا أنتم رفعتم” الترمذي

11- عدم الشرب من فيه الإناء

لقد نهى رسول الله عليه الصلاة و السلام أن يشرب المرء من فم السقاء كأن يشرب الإنسان من فم القارورة أو الوعاء مباشرة، فعن عبد الله بن عباس قال :” نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الشرب من في السقاء” البخاري

و هذا و إن كان فعله غير محرم و لا يأثم من قام به, لكن الإمتناع عنه هو من كمال أدب صاحبه.

12-النفخ و التنفس في الإناء

من باب تعليم الأطفال الأدب في الأكل و الشرب, نهيهم عن النفخ و التنفس في الإناء, فذلك ينافي الأدب بل هو أيضا عادة غير صحية لما في نفس الإنسان من بكتيريا و مكروبات تنتقل بالنفخ و التنفس إلى ما يحتويه الوعاء, و منه فإن نفس القاعدة تسري على الطعام أيضا.

نجد أحيانا بعض الأهل ينفخون في كأس شاي أو قطعة أكل بغرض تبريدها, فيتعلم الأبناء منهم هذه العادة القبيحة المنافية للأدب.

عن عبد الله بن عباس قال ” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أ يتنفس في الإناء أ ينفخ فيه” الترمذي و أبو داوود

13- الأكل و الشرب قائما

الأكل و الشرب قائما من الأمور التي تخل بأدب المرء في الطعام و قد نهى رسول الله عن ذلك فعن أنس ابن مالك “عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائما. فقلنا فالأكل ؟ فقال ذاك أشر” مسلم

و هذه أيضا من بين الأمور التي إن تعود عليها الطفل منذ الصغر أصبحت عادة تلقائية عنده لبقية حياته, و إني قد رأيت بعيني طفلة تبلغ من العمر سنتين أدهشتني إذ كلما مددت لها الكأس لتشرب جلست جلسة القرفصاء قبل أن تضع الكأس في فمها, و منه فإن الطفل قادر على استقبال هذه الآداب منذ سنواته المبكرة خاصة إن كان من حوله يقومون بنفس الشيء فحينها يصبح الأمر جزءا من تكوينه.

14- آداب تقديم الماء و الطعام

من واجب المربي أن يعلم أبناءه قواعد تقديم الماء و غيره للضيوف وفق الآداب النبوية و ما علمنا رسول الله.

فيعلمه كيف يبدأ التقديم من عند الكبير مكانة في المجلس ثم من هو على يمينه فالأيمن .. أما إن كان الجالسون كلهم سواء فيبدأ بالأيمن فالأيمن.

ثم لا يشرب من يقدم للآخرين حتى ينتهي من التقديم للجميع

عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :“إن ساقي القوم آخرهم شربا” مسلم

خلاصة :

هذه بعض آداب الأكل الأساسية التي ذكرها الشيخ راتب في المجلد الثاني من مجموعة “أولادنا الورقة الرابحة الأولى” , و التي يجب على المربي التأدب بها و الحرص على غرسها في أبنائه, فإن أحسن المرء التعامل مع أكله و شربه و نعم الله عليه بارك الله له بها.

في حالة كنت ترغب في اقتناء المجلدين أقترح عليك الرابط التالي أولادنا الورقة الرابحة الأولى من مكتبة جملون حيث سيكون بإمكانك الدفع عن بعد و ستتوصل بهما مباشرة في منزلك سواء في المغرب أو أي بلد آخر.

اترك تعليقا