من 0 إلى 3 سنوات

كيف أبدأ التنويع الغذائي لرضيعي

مقال مقدم من طرف الدكتورة مريم العاجي, طبيبة عامة بالمستشفى المركزي بفاس, و أخصائية تغذية

 

إن تغذية الطفل بطريقة جيدة هو رغبة جميع الآباء، ولكن الأهم من عملية التغذية نفسها، هو مساعدة الطفل في العثور على متعة الأكل ومرافقته للمرور من نمط الأكل السلبي الذي ندعوه “بدون خيار” إلى نمط الأكل الإيجابي الذي يتمثل في “الاختيار الجيد”

العلاقة بين التنويع الغذائي للرضيع و ترويض الذوق و الميولات الغذائية :

عند الولادة، يتمتع الطفل بقدرات تذوق عالية الدقة، وعلى مدار الأشهر يكتشف المزيد من الأذواق. حين يبلغ سن الثانية تقريبًا من الممكن أن يصبح الوضع أكثر تعقيدًا ويصبح الطفل أكثر انتقائية و لا يتقبل تجربة أي ذوق جديد، و من هنا فمن المهم أن نفهم أهمية البدء على أساس جيد منذ بداية التنويع الغذائي و أن تعلُّم الذوق هو عملية طويلة المدى.

التنويع هو مرحلة مهمة في تربية الذوق لدى الطفل. لسنا بحاجة إلى “إضفاء الطابع الطبي” على هذه المرحلة الطبيعية من التطور بإتباع أنظمة غذائية مطبوعة على الأوراق من طرف بعض الأطباء تعطى لجميع الأطفال.

 

الرضاعة و التنويع الغذائي :

أحيانا يتم إخبار الأمهات أنه بعد كذا شهر من الرضاعة يصبح حليبهن “مجرد ماء”، هذا خطأ, تظل العناصر الغذائية التي يتم الحصول عليها من حليب الأم أعلى من تلك الموجودة في الأطعمة الأخرى ، كما أن هذه العناصر الغذائية تتمتع بتوافر بيولوجي مثالي ، لذا فإن حليب الثدي يضل دائما هو الغذاء الأمثل للرضيع, و تجدر الإشارة هنا إلى أنه من المهم تقديم الثدي قبل تقديم وجبات الأطعمة الأخرى.

تذكر منظمة الصحة العالمية أن جميع احتياجات الطفل يتم تغطيتها من خلال الرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة. في البداية، يهدف التنويع فقط إلى تعريف الطفل بأغذية أخرى إلى جانب حليب الأم، حتى يكون مستعدًا بعد ذلك لتقبل العديد من أنواع الطعام.

متى يجب أن أبدأ في التنويع الغذائي ؟

في الواقع، مثلما تعتمد الرضاعة الطبيعية عند الطلب على العلامات الصادرة من الطفل، فإن التنويع الغذائي للرضيع يعتمد أيضًا على عدة علامات لمعرفة ما إذا كان مستعدًا لبدء هذه المرحلة، إذًا يجب أن نتعلم مراقبة الطفل واحترام تطوره.

نعرف أن الرضيع أصبح مستعدا لبدء هذه المرحلة عندما يبدأ في محاولة الجلوس بنفسه لبعض الوقت (في منتصف العام الأول تقريبًا)، ويمكن أن يبدأ في وضع الأشياء في فمه، و أن يظهر اهتماما بما يأكله الآخرون، و قد يحاول تناول الطعام، ثم يبدأ أيضا بالقيام بحركات المضغ.

وتجدر الإشارة إلى أنه في حين أن جميع الرضع تقريبًا مستعدون لإدخال الأطعمة الصلبة في حوالي الستة أشهر، إلا أن هناك أقلية ليست جاهزة حتى سن السبع, الثمان, التسع أو حتى العشر أشهر، كل طفل يختلف عن الآخر، و كل رضيع يتطور بوتيرته الخاصة.

كم و كيف أقدم الطعام لرضيعي ؟

إذا بدا الطفل جاهزًا لتنويع الطعام ولكنه رفض الحساء أو الطعام المهروس أو الفواكه المطحونة، فقد يكون الحل هو التنويع الغذائي الذي يقوده الرضيع: و هذه طريقة أخرى تتمثل في إدخال الأكل على شكل قطع كبيرة من البداية، وترك الاستقلالية الكاملة للرضيع ليستكشف بنفسه الأطعمة المختلفة حسب رغبته و وتيرته الخاصة (هذه طريقة تنفع كثيرا للرضع الذين يرفضون القوام السلس للخليط المهروس و المطحون و خاصة أولئك الذين يرضعون الثدي منهم).

لا يوجد أي أساس علمي يقول أن الرضيع في عمر محدد يجب أن يأكل كمية معينة من هذا الطعام أو ذاك، سيكون من الجيد أن نبدأ في تقبل فكرة أن الرضيع هو أفضل شخص يعرف ما يحتاج إليه، وأنه بعد الستة أشهر كما كان قبل هذا العمر، يمكنه الاستمرار في نظام “التغذية عند الطلب” لا ينبغي أن نركز على الكميات، و لنتذكر دائمًا أن الحليب هو أساس تغذية الطفل وأن التنويع هو خطوة استكشاف فقط ,ثق بطفلك فهو يعرف كم من الأكل يشبعه.

ما هي قواعد التنويع الغذائي للطفل ؟

كيف أبدأ :

– أدخل طعامًا واحدا جديدًا في كل ثلاث أيام من أجل التأكد من احتمال الرضيع له و أنه لا يطور حساسية تجاهه. سواء مهروسا أو على شكل قطع.

– إن كان الطعام مهروسا يقدم للطفل بالملعقة و من الأفضل تجنب تقديمه في زجاجة الحليب.

– إن كان الطعام على شكل قطع كبيرة, نعطيه للطفل ليتناوله بيده و يطور استقلاليته في الأكل منذ البداية.

أي أغذية أقدم لرضيعي ؟

نستطيع إدخال جميع الخضر والفواكه الموسمية منذ بداية التنويع الغذائي و ليس هناك نوع يجب تجنبه.

بالنسبة للأطعمة النشوية، مثل البطاطس، الأرز و السميد.. فيحبذ تأجيل إدخالها إلى ما بعد الخمسة عشر يوما الأولى من بداية التنويع، لتصبح الوجبة بعد ذلك مكونة من حصتين خضر و حصة واحدة من النشويات.

بالنسبة للبروتينات الحيوانية كالسمك الأبيض، البيض، الدواجن واللحم الأحمر، فيجب تقديمها للرضيع منذ بداية التنويع الغذائي، لأن حليب الأم لم يعد يغطي احتياجات الرضيع من الزنك والحديد, لذلك فإن فقر الدم مشكلة شائعة جدًا عند الرضع. لكننا لا يجب أن نتجاوز كمية 10 جرام في اليوم أي ما يعادل ملعقة كبيرة، أو ربع بيضة كاملة بالنسبة للبيض. حتى لا نتعب كليتي الرضيع بكمية بروتينات زائدة عن الحاجة.

بعد الطهي من المهم أن نضيف ملعقة صغيرة من الزيت الغير مطهوة إلى الوجبة لأن احتياجات الدهون تكون أكبر نسبيًا عند الرضع مقارنة بالبالغين.

من الممكن استخدام الأعشاب العطرية والتوابل غير الحارة, و القشريات (الحبار, القريدس, إلخ) منذ الشهر السادس. و يمكن إدخال الفواكه الجافة (اللوز والجوز ..) منذ الشهر السادس أيضا شريطة أن تكون مطحونة لتجنب حوادث الإختناق.

ما الأطعمة التي يجب أن أتجنب تقديمها للرضيع ؟

– استعمال العسل ممنوع قبل عمر السنة، لأنه قد ارتبط بعدد من حالات التسمم الوشيقي الطفلي الذي يصيب أساسا الرضع، و الذي يسبب الإمساك وفقدان الشهية والضعف وتغير صوت البكاء وفقدان التحكم في حركة الرأس على نحو واضح.

– لا ينصح باستخدام الملح قبل 12 شهر لأنه يرهق كليتي الرضيع التي مازالت غير ناضجة.

– السكر والمنتجات الصناعية هي أغذية يجب حظرها تماما نظرا لآثارها السلبية القصيرة والطويلة المدى (المضافات الصناعية، الدهون المهدرجة، السكر المصنع والملح).

– لا ينصح بإضافة الدقيق الصناعي، لأنه يعمل على زيادة عبء من البروتينات والسعرات الحرارية على جسم الرضيع.

– الزبادي (الياغورت) و الأجبان ليس لها أي مكان في النظام الغذائي للأطفال قبل سن 18-24 شهرًا! فهي تحتوي على معدل بروتين عال. مع العلم أن مشكل معدل البروتينات الزائد في الأصل شائع عند الرضع فلا داعي لزيادة عبء آخر على الكلى! قبل 18 إلى 24 شهر، المنتوج الحليبي الوحيد المناسب للرضيع هو حليب أمه، أو إن تعذر حليب الرضع الصناعي.

– السائل الوحيد الذي يمكن تقديمه للرضيع هو الماء، الاستهلاك المفرط للعصائر بما في ذلك المنزلية يمكن أن يكون له عواقب متعددة مثل الإسهال، تسوس الأسنان ، الوزن الزائد ، قلة الشهية للوجبات الأساسية ، القابلية لمرض السكري, لذا يجب تجنبها قبل عمر السنتين, و استهلاكها نادرا بعد ذلك.

كن مرنا

بالنسبة للتنويع الغذائي إجمالاً، يمكنك تقديم جميع الأطباق الصحية والمتوازنة التي تتناولها الأسرة بكل بساطة للرضيع منذ بداية التنويع الغذائي، لكن دون إضافة ملح أو سكر, و شرط أن لا تحتوي على أي منتج صناعي , بالإضافة إلى الحرص على تناول البروتينات الحيوانية يوميًا لاستهلاك الحديد.

و تذكر أنه من الطبيعي جدًا أن يمر الأطفال بفترات من الرفض الكلي أو الجزئي للطعام والعودة حصريًا إلى الحليب أثناء التسنين أو فترات الالتهابات ؛ يمكن أن يستمر هذا الرفض من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع ، ولا ينبغي أن يشكل ذلك قلقا للأبوين طالما أن منحنى النمو طبيعي, وتذكر أن الحليب هو الغذاء الوحيد الضروري حتى ما بين 12 و 18 شهرًا,  ويمكن أن يغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات الرضيع الغذائية بمفرده, و يأتي الطعام كمكمل غذائي ,الطفل سيعود إلى وجباته الاعتيادية عندما يكون مستعدا لذلك.

خلاصة :

يمكن أن تؤثر عدة عوامل على نمو الذوق لدى الطفل، بما في ذلك النظام الغذائي للأم أثناء الحمل، والرضاعة الطبيعية، ولكن البيئة التي يكبر فيها الأطفال ستؤثر على عاداتهم الغذائية بشكل أكبر، لذلك استفد من خطوة التنويع الغذائي لرضيعك لكي تبني عادات الأكل الصحية داخل الأسرة.

٪ تعليقات

اترك تعليقا