حين يبكي ابنك, يسقط أو يجرح أو يصيبه ألم ما, حين يضربه أحد أقرانه, عندما لا يستطيع أن يحصل على شيء ما أو حينما لا يحصل على اللعبة التي أحب أن يشتريها … فيدخل في نوبة من البكاء و الحزن و الغضب, كيف يكون تعاملك مع الأمر ؟
ربما توبخه, أو تصرخ به ليكف عن تمثيليته, أو تقول له أن الأمر هين لتهون عليه
حسنا كل هذا لا يجدي في الحقيقة, سأخبرك في هذا المقال عن 4 خطوات فعالة للتعامل في مثل هذه الحالات
أحيانا تتكلم و تتكلم, تنبه الطفل لما قد يحدث, تخبره مسبقا أن أذى ما قد يصيبه, لكنه لا يصغي, أو لا ينتبه أصلا لما تقول, فيحدث ما كنت تخشاه
ما هي أول ردة فعل تقوم بها ؟ حسنا نعلم جميعا ما هي : فورا يخرج تعبير “أرأيت ما قلت لك” بكل أنواعه
“لقد قلت لك مرار أن لا تقفز من هنا” , “أرأيت ما قلت لك ! لماذا لا تسمع كلامي حين أطلب منك أن لا تفعل“, “لقد حدث لك هذا لأنك لا تسمع كلامي” … و غيرها من الجمل التي تفيد العتاب و اللوم.
أحيانا أخرى عندما يدخل إبنك في نوبة ما من البكاء أو الغضب ربما لأنه لم يحصل على ما كان يريد, ينتقل الغضب إليك أنت أيضا و تقابله بالصراخ, “لماذا تبكي الآن ؟ ” “إنها آخر مرة أصطحبك معي” “أصمت و إلا … ” “يكفيك بكاءا لن تجبرني بهذه الطريقة” … و الأمثلة كثيرة
قد يكون في حالات أخرى متألما, و نسعى لأن نهوِّن ألمه بكلمات مثل : “لا بأس إنه لا شيء” “لا بأس لم يحدث شيء” “لا تبكي إنه جرح صغير لا يستحق” “أنظر إن فلان يضحك عليك لا تبكي“, “أنت شجاع لا ينبغي أن تبكي” و الجملة الأسوأ على الإطلاق “أنت رجل لا يجب أن تبكي” …
و ربما فقط في أفضل الأحوال تكتفي بطرح أسئلة عليه و هو في قمة نوبة غضبه : “لماذا تريد أخذ لعبة أخيك ؟” “ما الذي يجري هنا ؟” …
أتظن أنه سوف يتجاوب معك بفعالية ؟!
في الحقيقة ردود الأفعال هذه كلها ليست في محلها لأن الطفل و هو في حالته تلك لا منطق لديه و لا يسمعك, مشاعره الجياشة تغطي إدراكه تماما و لا يكون مركزا إلا على إحساسه. و ليس هذا ما ينتظره منك.
دعونا نلقي نظرة على الدماغ. بينت دراسات العلوم العصبية أنه مجملا نصف الدماغ مسؤول عن المشاعر الإنسانية, و النصف الآخر مسؤول عن المنطق, و حينما تعترينا مشاعر حادة كالغضب فإن الهرمونات المفرزة مثل “الأدرينالين-هرمون التوتر” تعوق عملية التفكير و المنطق نوعا ما, لكن نستطيع مع ذلك السيطرة على أنفسنا و مشاعرنا و العودة إلى رشدنا بفضل نصف الدماغ المنطقي.
هذا فيما يخص البالغ.
أما عند الطفل فالدماغ ليس مكتمل النمو بعد خاصة النصف العقلاني, و بالتالي يصعب عليه كثيرا التحكم في مشاعره و السيطرة عليها و التفكير عند هذه الأثناء.
“الطفل الصغير غير قادر على التراجع عن مشاعره ويعود ذلك إلى عدم
نضجه الدماغي, و في كل مرة تكون متعاطفا مع الطفل فإنك تساهم في
نضوج النواقل الدماغية – كاترين جيجين
إذا فحتى نحن الكبار عندما تنتابنا مشاعر غير مريحة كالإحباط و الخيبة فإن آخر ما نريد سماعه هو شخص يذكرك بأنه حذرك و لم تنتبه.
أو تخيل معي أنك تتألم من إصابة ما و أحدهم يقول لك لا عليك لا يوجد شيء يستحق .
حقا !! أتمنى لك إذا أن يصيبك ما أصابني لكي تعرف إن كان يستحق أم لا.
كيف يمكنني أن أتصرف إذا ؟
ألا و قد حددنا الأخطاء التي يجب تفاديها, سنتكلم الآن عن ردود الأفعال الصائبة
أولا أن لا أنفعل بسبب انفعاله, اهدئي أيتها الأعصاب المرآة, لا داعي لأن نغضب عندما نظن أن شعوره ليس منطقيا هذا فقط سيزيد الطين بلة.
ثانيا أن تحتوي مشاعره يا سيدي, أعنه على أن يخرج من حالته, أقر مشاعره, إقرار المشاعر و الإحتواء هي أهم خطوة في هذه المرحلة و نستمر عليها حتى نرى أنه قد هدأ و بدأ يستعيد رشده.
بعدها نمر للأسئلة, حتى و إن كنا نعرف ما الذي حدث, ندخل في حوار معه لنعرف كيف رأى هو الأمور من وجهة نظره و ماذا يعتقد.
ثالثا إذا كان ما فهمه أو ما يظنه غير صحيح يمكن حينها أن نشرح له الأمر ( ضربني الباب: لا لم يضربك لكنك حين كنت تجري لم تنتبه فاصطدمت به)
ثم أخيرا إن كانت هناك نصيحة يجب إسداؤها , الآن فقط يمكننا أن نوجهها حيث أن الطفل عاد لرشده و بدأ ينصت لنا بإمعان ( و مرة أخرى عبارة “لقد قلت لك” لا تعد نصيحة )
غير هذا, و خارج الإطار الذي ذكرناه, أريد أن أشير أيضا إلى أن الصراخ في جميع ظروفه غير مجدي لأنه يدخل الطفل في نفس الحالة, و بدل ذلك يمكنك أن تتبنى خيارات فعالة مثل الذي ذكرت في مقال 17 طريقة ليتعاون طفلك معك دون صراخ و عنف
خلاصة
خطوات سهلة, حاول الإلتزام بها و استحظارها في كل مرة و بعد وقت قليل ستصبح عندك عادة مكتسبة, و سترى أن نتائجها جميلة جدا على نفسية ابنك و على علاقتكما معا.
لا تؤجل حتى تنسى و ابدأ في أول موقف مقبل يحدث.