التربية الإيجابية

كيف أتكلم مع طفلي عن الكورونا بطريقة سليمة

معظم الأطفال سمعوا عن فيروس الكورونا أو الكوفيد, رأوا أشخاصًا يرتدون أقنعة على وجوههم, أو فقط يستغربون من إنقطاعهم عن المدرسة و الخروج. بالموازاة مع هذا هل تكلمت معهم بطريقة فعالة حول الموضوع ؟ هل تأكدت من مشاعرهم و هل فكرت مسبقا في طمأنتهم من أي شيء يسمعونه من أصدقائهم أو في الأخبار المتداولة ؟



لا بد أنك أيضا تحس بالضغط و الإضطراب و لو لبعض الوقت نظرا لكل الأخبار العالمية التي تهطل حول موضوع فيروس الكورونا
(حسنا إنه أمر لا يحتاج إلى تنظير)
أو ربما تكون من الأشخاص الذين أصبحوا يحسون بخطر هائل يحيط بهم وبأحبائهم و هذا شيء يمكن تفهمه نظرا للجو السائد و الفيديوهات الكثيرة المتداولة بغض النظر إن كانت صحيحة أم لا.
أو قد تكون من الناس الذين أصيب أحد معارفهم أو أقربائهم و وجدت نفسك مقيدا مهتما ممنوعا حتى من زيارته و الإطمئنان عليه, و هذا يزيد من التوتر و الضغط في الجو العام بالبيت

أيا كنت من الحالات الثلاث هل تعلم أنه في المقابل, هذا القلق في المنزل و المحيط يتسرب للأطفال أيضا ؟
خاصة مع كل الأخبار التي تمر على مسامعهم في التلفاز أو الأنترنت أو محادثات أفراد الأسرة , مما يعرضهم لمشاعر قلق و توتر و ربما حزن و هلع أيضا.

و يزيد الطين بلة انقطاعهم عن الدراسة و الأصدقاء و حتى النزهات الفردية أو اللعب جانب المنزل. أليس أمرا مرعبا أن يفهم الأطفال أن مجرد الخروج من الباب يشكل خطرا عليهم ؟

ماذا لو فتحنا معهم محادثات و مناقشات حول موضوع الكورونا هذا ؟

نعم إنه أمر مهم جدا بل و باستمرار خلال هذه الفترة لمساعدتهم على فهم الوضع الحالي و التعامل معه بطريقة صحيحة. و أيضا لإكتشاف انطباعهم حول ما يدور و المشاعر التي تختلجهم كنتيجة عن ما يسمعونه من الكبار على مدار الساعة.

طيب كيف يمكن لي تناول الموضوع ؟

1. إبدأ فورا :

لا تتخوف من فهمه للوضع, أنظر للأمر على أنه فرصة لتوضيح الحقيقة و إضافة لمسة إيجابية للموضوع

إبدأ في الحديث مع طفلك عن المشكلة بطرح أسئلة مفتوحة لتعرف مبدئيا حجم المعلومات الصحيحة التي يعرفها, اسمح له بالتحدث بحرية و لا تقاطعه, فقط أنصت في البداية.
إذا وجدت أن لديه مخاوف أو مشاعر سلبية, لا تلمه عليها, لا تنكرها و لا تقلق من شأنها ( أعرف أردد ذلك كثيرا) أكد لهم أنك تتفهم هذه المشاعر و أنه من الطبيعي أن يحسوا بها.

إذا كانوا صغارًا ولم يسمعوا أو يستوعبوا الأخبار الرائجة، فلا حاجة إذا لشد انتباههم للموضوعلكن مع ذلك يجب التأكيد عليهم على تقنيات النظافة الجيدة و الوقاية

حاولت فتح حوار و لم ينجح الأمر ؟ تحس أن طفلك لا يريد التكلم في الموضوع أو لا يعرف كيف يعبر ؟

ما رأيك أن تفعلوا ذلك بطريقة أخرى مسلية ؟ كأن ترسموا مثلا أو أن تلعبوا مسرحية و تطلب منه أن يتقمص شخصية الفيروس ؟

إذا كانوا صغارًا ولم يسمعوا أو يستوعبوا الأخبار الرائجة، فلا حاجة إذا لشد انتباههم للموضوع لكن مع ذلك يجب التأكيد عليهم على تقنيات النظافة الجيدة و الوقاية

حاولت فتح حوار و لم ينجح الأمر ؟ تحس أن طفلك لا يريد التكلم في الموضوع أو لا يعرف كيف يعبر ؟

ما رأيك أن تفعلوا ذلك بطريقة أخرى مسلية ؟ كأن ترسموا مثلا أو أن تلعبوا مسرحية و تطلب منه أن يتقمص شخصية الفيروس ؟

2. إستعمل طريقة طفولية و مبسطة في الحديث:

للأطفال الحق في الحصول على معلومات صحيحة حول ما يجري في العالم ، ولكن البالغين يتحملون مسؤولية الحفاظ على سلامتهم من هذه المحنة اليونيسيف

إستخدم لغة تتناسب مع عمر الطفل فمثلا الطريقة التي سنتكلم بها مع طفل ذو الثلاث سنوات ليست هي نفس الطريقة التي سنتكلم بها مع طفل في التاسعة من العمر.
إذا طرح الطفل أسئلة لا تعرف كيف تجيب عليها فاغتنما الفرصة اجعلا الأمر ممتعا ببحثكما عن المعلومة من مصادر موثوقة سواء بخصوص الكورونا أو أنواع الفيروسات عامة.

إذا كنت لازلت ترى أن حركات الطفل غير مرتاحة و أنتم تتكلمون عن الموضوع, أو أنه لازال يحس بالقلق فعد مرة أخرى لاحقا لتناول الموضوع بطريقة مريحة و مطمئنة أكثر, فمن المهم أن لا يبقى في هذه الحالة النفسية, و أكد عليه أنه يمكنه أن يتحدث معك في أي وقت إن شاء عن مشاعره أو انطباعاته جراء ما يرى و يسمع
الهدف من هذا كله هو تجنب تطور تخيلات مخيفة لدى الطفل.

3. إشرح طريقة الوقاية مع شيء من التسلية :

الأطفال سيحسون أكثر بالراحة عندما يعرفوا أن هناك إجراءات يمكنهم اتخاذها من أجل الحفاظ على سلامتهم

  • غسل اليدين بالصابون ( على طريقة الجراحين قبل دخولهم غرفة العمليات) عندما يأتون من الخارج ، قبل تناول الطعام ، وبعد نفخ أنفهم ، السعال أو العطس أو استخدام الحمام و ذلك لفترة تدوم حتى الإنتهاء من غناء أغنية مدتها 30 ثانية, يمكن أن تتفقوا على أغنية معا.
  • العطس و الكح في داخل المرفق
  • عدم الاقتراب كثيرا من الأشخاص الذين لا يعيشون معنا خاصة إذا كانوا يعانون من بعض الأعراض المرضية

“غسل يديك بمحلول كحولي مائي أو صابون وماء سيقتل الفيروس إذا
كان على يديك”  المنظمة العالمية للصحة

4. خلق جو من الاطمئنان :

إن تعريض الطفل للكثير من المشاهد المقلقة على التلفزيون أو عبر الإنترنت يجعله قلقا و قد يحس أن الخطر قريب جدا منه و أنه قد يصاب قريبا بسوء
من الأفضل أن تبعد طفلك عن كل الأخبار و المشاهد, أن تملأ وقته بلعب ممتع و لم لا نشاطات عائلية مشتركة
حاول أن تخلق روتينات يومية منتظمة قدر الإمكان مليئة بالأنشطة لشغل الطفل
المرض متفشي في منطقتك أو يوجد قريب لكم مصاب ؟ ذكر طفلك دائما أنه لا داعي للقلق لأن الفيروس نادر , و حتى إن أصاب الأطفال فإنه يغادر أجسامهم بسرعة و ربما حتى بدون ظهور أي علامات ، وأنك هنا دائما للحفاظ على سلامته
و إن بدت عليه أعراض ما فطمئنه أن كل شيء سيكون على ما يرام و أنه لسلامة الجميع فإنه من المهم أن يلتزم بالتعليمات

5. فرصة لغرس بعض القيم :

هذه فرصة رائعة لنغرس قيم التعاون و التضحية و كيف أن هناك أشخاصا كالأطباء و الشرطيين يقومون بعمل نبيل في ظل هذه الأجواء و أنه من الجميل أن نساعد بعضنا و أيضا أن نلتزم بالتعليمات من أجل المساهمة في الحفاظ على سلامة الجميع

تجنب هذه الأخطاء :

المعلومات غير المناسبة

إنتبه إلى كيفية تفاعل إبنك مع المعلومات التي تقدمها له أو التي تبحثون عنها معا حتى لا تزيد من قلقه, الكثير من المعلومات قد يكون سلبيا أيضا أحيانا

أنت أولا

الأطفال يتعلمون منا كل شيء, إن كنت اليوم تتعامل مع هذه الظروف بقلق و توتر كبيرين, فإنهم سيتعلمون ذلك منك و إن كنت تحافظ على هدوئك و تتعامل بعقلانية و حكمة و تحكم في الذات فإنك ستساعدهم على اكتساب مهارة التأقلم مع الأوضاع و التعامل مع الظروف بهدوء أيضا
إعلم أن طريقة تفاعلك لن تغير شيئا من الواقع المعيش, كل ما تملكه هو أن تلتزم بالتعليمات المنصوح بها من كل الجهات الصحية لكي تحمي نفسك و عائلتك, غير هذا لن تبدل مشاعرك من الوضع شيئا, لذا فمن الأجدر أن تحافظ على إتزانك و تنقل صورة إيجابية لأطفالك.

“إذا كنت تشعر بالقلق الشديد أو الذعر ، فهذا ليس بتاتا الوقت المناسب للتحدث مع أطفالك حول ما يحدث جراء هذا الفيروس أو الإجابة على أسئلتهم” جانين دومينغيز ، طبيبة نفسية للأطفال في معهد دماغ الطفل

التأقلم مع الوضع الجديد  :

و بما أن الوضع يحتم على الجميع الإلتزام بالمنزل و عدم الخروج إلا لظروف قصوىفنحن نعلم كلنا أن هذا ليس بأمر سهل على الجميع فبالإضافة للتوتر السائد يزيد على ذلك شجار الإخوة و الملل و ربما أيضا إلتزام أحد الآباء أو كلاهما بالعمل من المنزلكل هذا يصعب إدارة الأمور أكثر
من جهتي أقترح عليك و أشدد على ضرورة صياغة برنامج لكل الأفراد يستطيع من خلاله كل شخص أن يقوم بالمهام التي تتوجب عليه و تذكر أن الأيام المنظمة مع أوقات الوجبات و أوقات النوم تعتبر جزءا أساسيًا لإبقاء الأطفال سعداء و بصحة جيدة

خلاصة

كانت هذه هي كل النقاط التي أردتك أن تحيط بها بخصوص الموضوع خاصة أنني أرى أن الجميع يركز على الأخبار الجديدة و ما يحدث و الأطفال ليسوا في الصورة , يكتفون بإخبارهم أن هناك فيروس خطير و يجب أن نبقى منعزلين دون الإنتباه لما قد يعتليهم من مشاعر.

فأسرع بالمبادرة و تأكد من استيعاب طفلك للموضوع بشكل صحيح و بدون صورة مبالغة حتى تحافظ و تحمي توازنهم الداخلي طيلة هذه الفترة.

اترك تعليقا