التربية الإيجابية

حضر كورونا الصحي: 9 تدابير لإدارة العائلة بفعالية (و نصائح أخرى)

يخبرني الكثير من الأصدقاء أن الوضع أصبح لا يحتمل عندهم و أنهم لا يتمنون إلا أن تنقضي هذه الأزمة ليعود نظام العيش كما كان عليه.
هل تعيش نفس الأمر أنت أيضا ؟ صحيح أنه من الصعب أن تكون محبوسا مع الأطفال طيلة النهار لمدة طويلة, الوضع يخلق الكثير من التوتر, أخبار مؤسفة في كل مكان, أعمال كثيرة في المنزل و ربما تعمل عن بعد أيضا, بالإضافة إلى المنهج الدراسي الذي يجب مسايرته مع الأطفال , هؤلاء الأخيرين الذين لديهم طاقة عالية لا يجدون أين يفرغونها
معك حق كل هذا يجعل الجميع مضغوطا وفي وضع لا يحسد عليه.
لذا أردت في هذا المقال أن أقدم لك بعض الحلول التي ستساعدك كثيرا في إدارة الوضع بشكل جيد

هناك الكثير من الأشياء التي قد تجعلك متوترا على مدار اليوم, مخططاتك المشلولة حاليا, انقطاع جميع أفراد المنزل عن العالم الخارجي, خوفكم على الأقارب و الأحباب في ظل هذه الظروف, فوضى الأطفال و أصواتهم العالية, طلباتهم الكثيرة و غير المنطقية.. بل مجرد فكرة بقاء الجميع بين أربع جدران أمر يرفع ضغط الكل, و هذا يجعل الجميع معرَّضِين للإنفجار في أية لحظة في وجه الآخرين.

ما رأيك إن قلبت الموازين و نظرت للموضوع من زاوية إيجابية ؟ لأنه على كل حال, النظر من الزاوية السلبية لا يغير في الموضوع شيئا.

لذا سلم أمر تدبير الظروف الخارجة عن قدرتك للخالق الذي يحسن التدبير, و ركز أنت على أن تجعل هذه الأيام مفيدة للجو العائلي لديكم و أن تصنعوا معا ذكريات حلوة و أن تُقَوُّوا الرابط الأسري بينكم.

و بما أنه لا أحد يعلم كم ستدوم هذه الظروف, فيجب أن تسارع لكي تسيطر على الوضع و تقلب الحال لصالحكم

 

كيف يمكنني السيطرة على الوضع في ظل الحظر الصحي ؟

إن كنت تصر على أن تمشي الأمور من ذاتها على ما يرام فأعتذر إن قلت لك أنك تحلم.
لنكن عقلانيين, فمثلا ليس هناك خلل في أبنائك, إزعاجهم لك أمر بديهي و متوقع, خاصة إن كان قد طالهم أيضا بعض من التأثر جراء ما يسمعونه من أنباء و التي قد تصلهم بشكل خاطئ. إن لم تكن متأكدا من أنهم استوعبوا الموضوع بطريقة صحية, يمكنك الإطلاع على المقال السابق كيف أتكلم مع طفلي عن الكورونا بطريقة سليمة

إذا أول خطوة نحو الحل هي تحديد المشكلة و إتخاذ إجراءات فعالة.

أقترح عليك هذه الخطوات التي إن اتبعتها فإن ثمانون بالمئة على الأقل من المشاكل ستكون محلولة.

جدول يوميٌّ واضح لكل فرد

من المهم وضع جدول يومي لكل فرد, ترك اليوم يمر عشوائيا ليس بالقرار الصائب, الملل يجعل الطفل يفكر في أشياء ليشغل نفسه قد تكون غير ممكنة في الوقت الحالي أو مزعجة لك إن كنت تعمل في نفس الوقت.

من جهة أخرى إن كان الطفل في الأيام العادية يرتاد مدرسة أو حضانة أطفال, فإنه اعتاد على أن يكون يومه مقسما بين نشاطات متعددة و منظما, و لا بد لنا من أن نحافظ على هذا النظام من أجل توازن الطفل, و هذا يشمل حتى أوقات الأكل و النوم و القيلولة.

ستقول لي قد لا يقبل طفلي هذا و لن يلتزم بالجدول.

سأجيبك أن هذا احتمال كبير في البداية لكن مع إصرارك و تذكيرك له به طيلة الوقت سيجعله يتعود بعد بضع أيام. ثم إن هذه فرصة ذهبية لتعلمه مهارة إدارة الوقت و تنظيم يومه.

و حتى أنت لا بد لك من تخطيط مسبق ليومك, حتى لا تدع الفرصة لكثير من المفاجآت, أكتب المهام الأساسية للغد في الليل قبل النوم حتى تقوم في الصباح بنظرة واضحة عما تريد إنجازه.

شرح مسبق للأنشطة

إن كنت ستعمل في الفترة التي سيقوم بها الأطفال بالنشاط, فاشرح لهم مسبقا ما الذي سيفعلونه, هذا سيقلل من المرات التي سيتوجب عليك فيها التدخل لتوجيههم.

تحضير أدوات النشاطات مسبقا

قبل أن تشرع في عملك تأكد من أنك وضعت تحت متناول الطفل كل الأغراض التي سيحتاجها في نشاطاته, إن كان سيقوم بالتلوين مثلا, حضر الملونات و الأقلام و المنجرة و الصباغة و الفرشاة .., إن كان سيقوم بأعمال يدوية, فلنحضر المقص و الغراء الأوراق و كل اللوازم

باختصار كل ما يمكن أن يحتاجه من أدوات.

هكذا حينما أردنا صنع علبة الذكريات, حضرت كل اللوازم التي كان من المحتمل أن يحتاجها إبني قريبا منه, مجموعتين من الصباغة فرش ملونات .. كل شيء يمكن أن يزين به الغلاف, ثم المقص و اللصاق و العلبة من أجل عملية التغليف.

و شرحت له مسبقا ما الذي يمكنه القيام به , ثم تركته يعمل بالقرب مني, هذا جعل الأمر لا يتطلب مني إلا بعض التدخل حين يطلب مني إبني مساعدة أو توجيها.

جدول يوم متكامل للطفل

من المهم أن يكون يوم الطفل متوازنا و منظما من أجل صحة نفسية و جسدية جيدة.

و يجب أن يحتوي على أقسام متنوعة.

سأشارك معكم هنا التقسيم الذي نعتمده عندنا و الذي اقتبست محاوره الخمس من صفحة العيسري التي اكتشفتها منذ مدة و راقت لي :

حصة عبادة
حصة عمل (أعمال منزلية)
حصتين علم (المنهج الدراسي) : عدد الحصص يختلف حسب الأعمار
عدة حصص لعب : حسب اليوم, نقسمها ما بين أعمال يدوية فردية أو جماعية و لعب حر
نوم

و أضفت إلى هذه الخماسية حصة حركة, لأن الطفل عنده طاقة يومية حركية عالية يحتاج أن يفرغها, و بما أننا نلزم المنزل فهذا غير ممكن, لذا نشغل العداد على 15 دق أو أكثر ليقوم بالجري في المنزل و القيام بحركات رياضية و قفز على حواجز نصنعها من المخدات 

كن مستعدا لخطة بديلة

من الممكن أن يمل الطفل من نشاط ما أو لا يتحمس للقيام به في آخر لحظة. يحدث معي هذا بصفة متكررة. فتعلمت أن أكون مرنة في الجدول و أن تكون هناك نشاطات احتياطية سريعة يمكن التعويض بها.

إذا لم يرد البدء بنشاط الرياضيات, يمكن أن نمر لنشاط الحركة أولا. إن لم يحب اللعب بالعجين الذي أخدت وقتا لتحضيره, لا بأس لن أتذمر, نحتفظ بها لوقت لاحظ و نخرج أوراق التلوين التي طبعناها من قبل.
ليست لديك أوراق مطبوعة ؟ لا يهم دعه يطلق العنان لإبداعه بالتلوين الحر, أو أرسموا أشكالا عشوائية كأشكال الماندالا ليلونها.

الأكل

إن كنت تعمل, فحاولوا تحضير كل وجبات اليوم في المساء, أو في الصباح الباكر.

إن لم تكن تعمل, فأدرج في الجدول اليومي للأطفال أوقات لعب حر, حيث يلعبون بألعابهم, أو مع بعضهم في الوقت الذي يحضر فيه الكبار الأكل.

و هناك ما هو أفضل أتعلم ؟ أن تشتركوا جميعا في تحضير الطعام, لا توجد فرصة أفضل من هذه لإدخال الجميع للمطبخ و ليتعرفوا على مكان الطناجر و يتعلموا كيف ننقي العدس و نحضر الخبز.

وصفات سريعة

ليس هناك متسع من الوقت لكي نقوم بتحضيرات فيها الكثير من مراحل الإعداد, إعتمدوا وصفات سهلة جدا لا تأخذ منكم أكثر من 20 دقيقة في التحضير.

حاولوا تحضير قائمة لأطباق بسيطة حسب ما تتوفرون عليه في المنزل, و قدر الإمكان دون الحاجة للخروج و شراء بعض العناصر.

فليعطي جميع أفراد المنزل مقترحات بسيطة, هكذا نوفر عناء تفكير كل يوم, و نحفز الجميع أن يشترك في الإعداد,و أيضا بتحضيركم للقائمة المسبقة, فإنكم إن كان لا بد لكم من إقتناء بعض الأغراض, ستقومون بذلك دفعة واحدة و لن تضطروا للخروج العديد من المرات.

ترتيب المنزل

مع وجود الأطفال في المنزل 24 \24 ساعة, أرجوكم اخفضوا من مستوى التزامكم و توقعكم بخصوص بقاء المنزل مرتبا و براقا. على العموم لن يأتيك ضيوف في هذه الظروف, إذا فاترك الفرصة للأطفال ليعيشوا في منزلهم بحرية و لو خلال هذه الفترة فقط

و من فترة لأخرى قوموا كلكم سوية بحملة تنظيف و ترتيب شاملة. الأطفال يتحمسون عامة حين نقوم بإشراكهم في أعمالنا و تحميلهم المسؤولية مثل الكبار.

الإبتعاد عن كثرة الأخبار

يمكنك أن تطلع على مستجدات اليوم في بلدك و سائر العالم, أن ترى نشرة أو اثنتين, أن ترى فيديو أو منشورا في منصتك المفضلة. لكن أن تبقى كل اليوم متخبطا بين كثرة الرسائل الساخرة أو المخوفة أو الإعلامية حتى, فهذا ليس من ورائه طائل غير تضييع للوقت.

خذ الخبر المهم و المفيد من مصدره و أغلق كل ما سواه, أرح نفسك من توتر أكبر يطالك دون أن تشعر و وفر طاقتك لشيء آخر

أقل من 3 سنوات

أما إن كان لديك أطفال أقل من 3 سنوات ملتصقين بك طوال الوقت و لا يفارقونك, فللأسف ليس لديك الكثير من الخيارات, إما أن توفر له أغراض مثيرة يلعب بها أثناء قضائك لأشغال المنزل مثل الأواني و الملاعق الخشبية في المطبخ أو حتى أن يلعب بالماء و أكواب بلاستيكية إن كنت بصدد تنظيف المنزل, و كما ذكرت سابقا لا بد من خفض سقف الحزم بخصوص الفوضى التي قد يتسببون فيها.

أما إن كنتم تعملون من المنزل فالحل هو أن يحمله أحدكم في ظهره و هو يعمل واقفا مثلا واضعا الحاسوب على مساحة العمل المطبخية أو طاولة طويلة. هكذا أعمل في الكثير من الأحيان حين لاتفارقني ابنتي.

أبناء كبار

إذا كان لديك أبناء كبار فلا بد أن الوضع أسهل معهم, ستقومون بتنظيم اليوم معا بكل سلاسة, و أريد أن أنوه إلى أن إدخال بعض النشاطات الجماعية سيكون غاية من الروعة. إلعبوا دومينو أو شطرنج و اصنعوا أوقات متعة و مسلية.

إنتبه !

أريد أن أرجع لأكد لك على نقطتين مهمتين.

الأولى هي أن أحد الأخطاء الفادحة التي يمكن أن ترتكبها هي الإخلال بنظام النوم و السهر لأوقات متأخرة.

من المهم جدا أن تحافظوا على أوقات نوم منتظمة و معقولة, كسائر الأيام العادية, حتى لا يختل توازن الجسم الصحي. لقد أصبحت تعرف أن النوم من العوامل المهمة للحفاظ على مناعة جيدة, و هذه الأيام الكل يحتاج لمناعة عالية بالدرجة الأولى, و أغتنم الفرصة لأُذَكِّرَك أن الطفل يحتاج لعدة ساعات من النوم أكثر من الشخص البالغ لذلك فإنه ليس من الصحيح أن ينتظر الأطفال حتى يناموا معكم في نفس الوقت.

و ثاني الأخطاء هو فتح الباب أمام الأبناء للشاشات و التلفزة و الألعاب الإلكترونية من أجل إلهائهم و التخلص من إزعاجهم. قد يريحك أن تفعل هذا لكنك من المؤكد لا تسمح بضررهم من أجل راحتك.
رغم أنني لا أحبذ الأمر لكن يمكنكم أن تحددوا في جدول اليوم وقتا معينا محدودا مخصصا للشاشات, تتفقون عليه منذ البداية, و غير ذلك فإن الأمر سيصبح استهتارا.

خلاصة :

نتمنى أن ينتهي الوضع سريعا و أن يرفع عنا القادر هذا البلاء, و أن تعود المياه إلى مجاريها كالسابق.

في انتظار هذا بادر فورا لاستغلال هذه الفرصة و خلق جو متناغم في ظل الحجر الصحي الذي نعيشه. لا تترك الأيام تمشي بعشوائية و خذ الأفضل حتى من الأوضاع الصعبة.

إن لم تستطع تطبيق كل النقاط دفعة واحدة, فنصيحتي لك أن تبدأ بتنظيم و تقسيم اليوم, و شيئا فشيئا أدخل التدابير التي تليها خلال الأيام الثلاث الموالية.

اترك تعليقا