لقد أصبحت تنتشر شيئا فشيئا عادة تقديم طاولة الفصول في المدارس الحديثة و ذات التعليم البديل و أيضا في المنازل, من طرف الآباء الذين يراقبون تطور أبناءهم عن قرب و يهتمون بطرق التعليم البديلة خاصة المتعلقة بوولدورف.
فما هي إذا طاولة الفصول ؟ و ما الهدف من ورائها ؟
طاولة الفصول هي ببساطة ركن مكون من مجموعة من الأشياء الطبيعية التي تعرض صورة بسيطة من الموسم الحالي. نمودجا مصغرا لما يقع في الخارج.
يرجع أصل هذه الممارسة إلى فلسفة وولدورف ستينر و منهجيته التعليمية. و هي اليوم من الأمور المعتمدة بانتظام لدى العائلات الذين يمارسون التعليم المدرسي و المدارس المنفتحة على مختلف مناهج التعليم البديلة.
إنها طريقة تحفز و تولد كثيرا من الإبداع. و مصدر استمتاع كبير للأطفال حيث يلاحظون التغيرات التي تطرأ على اختلاف المواسم و يعيشون سيناريوهات متعددة معها كل يوم, فطاولة الفصول لا تبقى تابثة, كل يوم يمكننا إضافة أو تغيير شيء فيها حسب ما يطرأ حولنا و حسب مزاجنا و ما نظفر به في نزهاتنا.
من أهم المبادئ في منهجية وولدورف هي الإتصال بالطبيعة, و لذا فإن إعادة تمثيل الفصل في زاوية صغيرة بالمنزل يبقي الأطفال على اتصال دائم بالطبيعة و كل تفاصيلها و تغيراتها.
إنها احتفال بالطبيعة, و انصهار فيها, تتطور بتطور الألوان و النباتات و تواكب سيرورة الكون.
الجميل هو أنه لإعداد طاولة الفصول الأمر ليس معقدا و يمكنك الإعتماد على أي شيء له علاقة بالموضوع, أطلقوا العنان لمخيلتكم، كل شيء يدخل ضمن موضوع الفصول وارد و يمكن وضعه في الطاولة. النقط الأساسية هي الألوان و النباتات و الحيوانات و كتاب أو صور .
أقدم لكم هنا طاولتَيْ الخريف و الربيع لهذه السنة
طاولة الخريف :
استخدمنا علبة كرتون كبيرة قطعنا قاعدتها للحصول على مساحة يمكن ملؤها.
خلال نزهاتنا بالخارج كنا نحضر معنا كل أغراض الطبيعة التي تستهوينا.
حضرنا شجرة ذات ورود متساقطة, جمعنا أوراق شجر متساقط في الخارج و أغصانا يابسة, القاعدة تبتناها بكرتون ورق التنظيف, لم يتطلب الأمر أكثر من ذلك للحصول على شجرة جميلة.
أغصان أخرى يابسة متناترة على الأرض.
قوقعات حلزون فارغة.
مخروط صنوبر جميل جدا.
بعض الحيوانات البرية من ألعابنا, فطر…
و كانت النتيجة مبهجة
الفريد في طاولتنا هو أننا أحببنا إضافة لمسة مميزة و هي السوق, الذي وضعنا فيع أغذية حقيقية و غير حقيقية تتغير حسب ما يظهر في الموسم و حسب ما نشتريه, و ذلك للتعرف عن قرب عن مختلف الخضر و الفواكه الخريفية, خاصة أننا في هذا العصر لم نعد نأكل الطعام حسب موسميته إذ بإمكانك إيجاد كل شيء في كل موسم كالبطيخ في الشتاء. بالنسبة لي التغذية هي تربية أيضا, و من المهم اكتساب معرفة و خبرة حول مبدأ الموسمية و لماذا يجب احترامها.
طاولة الربيع :
ربما ستقرأ هذا المقال بعد وقت طويل من كتابته, لكن للأسف خلال إعدادنا لطاولة الربيع هذه السنة, نحن ملتزمون بحظر صحي و لا يسعنا الخروج من المنزل و لا ندري كم من الوقت سيطول الأمر, لذلك قررنا أن نخرج عن السطر قليلا و قمنا بتمثيل ما يحدث في فصل الربيع بأشياء نصنعها عوض أخذها من الخارج. و لو أن الأمر تطلب مجهودا أكبر. لكن فصل الربيع مبهج جدا و من المؤسف أن يمر دون أن نتناول موضوعه و نحاول الإتصال به
نفس قاعدة الكرتون, فرشناها بالأخضر لتمثيل العشب, صنعنا شجرة مزهرة, ورودا بالثوب في كل مكان, حيوانات مزرعة سارحة تقتات على العشب الأخضر, إصطبل, دودة خضراء و تعرفنا على قوس قزح و كيف يظهر.
و أيضا وضعنا قفة من أجل المنتوجات الربيعية.
بعدما كلمتك على كل هذا, لا أحب أن ينتقل الأمر من شخص لآخر دون وجود غاية واضحة في نفس كل فرد. نعم الطبيعة في جميع الأحوال لها تأتيرها الذي لا يمكن قياسه و لا التنبأ به, كأن يلهم فقط الأطفال في لعبهم و إبداعهم في الصنع و العمل اليدوي, أو يمكن حتى أن يكون تأثيرا غير مرئي.
لذا فليكن لكل دافعه من وراء الحرص الدائم على وجود طاولة الطبيعة في المنزل أو في المحيط, قد يكون ذلك الدافع هو هذه اللوحة الطبيعية الجميلة التي تخلق السعادة كلما نظرت إليها, الخيال الذي قد يأخذنا مع الأطفال في عالم افتراضي موازي, إثارة بعض الأسئلة لديهم التي لم تكن لتخطر لهم لولا هذا, إثارة انتباههم من خلال المجسم الصغير لما يحدث في العالم الكبير.
فليكن الأمر أكثر من مجرد إلتفاتة, ابحث عن الدافع الذي سوف تشبعه من هذا العمل لديك و لدى أبنائك ليكون هو الغاية التي ستسعى لها في كل مرة تجتهدون و تصنعون طاولتكم. و حتى لا يكون الأمر نمطيا و يُكسَر المبدأ الأساسي الجميل و يصبح الأمر مجرد تقليد.
خلاصة :
أشجعك بشدة أن تشرع مع أبنائك في تحضير طاولة الفصل الحالي مباشرة, اتبعوا رغباتكم في خلق التفاصيل, ابدأوا بتحديد مكان وضعها, افرشوا غطاءا بلون الطبيعة الحالي, انتبهوا في كل نزهة لما يحدث حولكم و اقتنوا منه ما يمكنكم أن تثروا به طاولتكم, اصنعوا أيضا أشياء يدوية إن أحببتم, و استمتعوا بالأمر.