هناك الكثير من التساؤلات الشائعة حول تغذية الأم المرضع, ما يجب أن تأكله, كيف و متى ؟
لا أريد أن أكلمك اليوم عزيزتي المرضع عن أصناف أطعمة و وصفات تحضرينها, لكنني أردت أن أعطيك القواعد التي على أساسها سوف تعرفين وحدك كيف تسيرين نظامك الغذائي بكل نجاح و توازن.
سوف تتطلب منك عملية الرضاعة الطبيعية الكثير من الطاقة, فكوني على استعداد في رحلتك الجميلة.
ما هو تاثير سوء التغذية عند الأم على الرضاعة ؟
إن تعرض الأم لسوء التغذية, لا يجعلها تفقد حليبها, فحتى النساء اللواتي يعيشون في ظروف المجاعة يستطيعون الإستمرار في انتاج الحليب الكافي. كما أن هذا الأخير سيحتوي على كل ما سيحتاجه الطفل لنمو متوازن. فالحليب سيستمد كل يلزم من جسد الأم نفسها
لكن رعاية الطفل و إرضاعه تستهلك من جسم الأم الكثير من الطاقة, و نقص التغذية أو سوءها سيؤدي إلى معاناة الأم من نقص على مستوى الكثير من العناصر الأساسية في الجسم كالحديد و الفيتامينات و غيرها. لذلك فلا بد من أن تأخذ الأم المرضع كل ما يزود جسمها بالعناصر الغذائية الحيوية.
ما هي أهمية الماء للأم المرضع ؟
تفقد الأم كمية من الماء بفعل الرضاعة الطبيعية, لذلك فمن الضروري أن تحرسي على ترطيب جسمك بالماء الكافي. هذا لا يعني أيضا شرب كميات كبيرة لكن أن تشربي المعدل المناسب لوزنك , و إن لاحظت أن لون تبولك أصفر داكن فحاولي أن تزيدي الكمية التي تشربينها .
كما يمكنك سيدتي أن تشربي كوبا من الماء في كل مرة ترضعين فيها رضاعة طبيعية.
الرضاعة و تقديم الماء للرضيع في 6 أشهر الأولى
إن تقديم الماء للأطفال الرضع يعرضهم لخطر الإصابة بالإسهال وسوء التغذية. قد لا تكون المياه نظيفة وتتسبب في إصابة الطفل بالعدوى. وقد يؤدي تقديم الماء أيضًا إلى جعل الطفل يرضع كمية أقل من حليب. إذا أعطت الأمهات الماء بدلاً من حليبها، فسوف يتسبب ذلك في تقليل كمية الحليب لدى الأم في المستقبل.
من جهة أخرى يحتوي حليب الأم على أكثر من 80٪ من الماء ، خاصةً الحليب الذي يأتي في بداية كل رضعة. لذلك ، كلما شعرت الأم بأن طفلها يشعر بالعطش يمكنها إرضاعه. هذا سوف يروي عطش الرضيع ، ويستمر في حماية الطفل من الالتهابات ، ويساعد الطفل على مواصلة النمو بشكل جيد.
إذا كان الطفل يرضع حصريا حليب أمه, فهو لا يحتاج إلى الماء قبل بلوغه 6 أشهر ، و ذلك حتى في المناخ الحار. هذا ما توصي بها منظمة الصحة العالمية.
و يعتبر الطفل في رضاعة طبيعية حصرية عندما لا نقدم له شيئا مطلقا سوى حليب الثدي ، دون أي طعام إضافي أو سائل آخر، حتى الماء ، باستثناء القطرات أو محاليل الفيتامينات أو المعادن أو الأدوية.
عن طريق الرضاعة الطبيعية ، تمنح الأم طفلها كل الماء الذي تحتاجه ، مع توفير “الماء الآمن” و الحماية من الإسهال.
هل علي أن أخضع لنظام صحي معين ؟
لا يجب على الأم المرضع أن تخضع لحمية غذائية معينة أثناء فترة الرضاعة. هناك من ينصح النساء مثلا بمقاطعة بعض الأطعمة مثل الفواكه الصيفية تلقائيا, و ذلك غير ضروري أبدا, يمكن للأم أن تأكل من كل شيء أحبت باعتدال.
قد تتسبب بعض الأطعمة في رد فعل تحسسي لدى الطفل، و غالبا ما يحدث ذلك مع أطعمة يعاني أحد أفراد الأهل أيضا من حساسية تجاهها، إذا لاحظت الأم ذلك حينها يمكنها تجنبها لمدة تصل إلى أسبوع لمعرفة ما إذا كان ذلك يحدث فرقًا.
بالنسبة للقهوة, فإن الكافيين ينتقل من الأم إلى الرضيع بكميات صغيرة من خلال حليب الثدي ، ولكن عادة لا يؤثر سلبًا على الرضيع عندما تستهلك الأم كميات منخفضة إلى معتدلة. إذا كان الرضيع يبدو أكثر تهيجًا بعد أن تستهلك الأم كميات كبيرة من الكافيين ، فيجب أن تفكر في التقليل منها. مع العلم أن الخدج والرضع الصغار يقومون بتفتيت الكافيين بشكل أبطأ ، لذلك من الأفضل أن تفكر أمهات هؤلاء الرضع في استهلاك كميات أقل من الكافيين.
في المقابل يجب أن تحرص الأم على السير على نظام غذائي متوازن و غني يضمن لها كل الإحتياجات اللازمة لجسمها و صحتها, كالحبوب الجيدة الكاملة و الفواكه و الخضر و الدهون ذات جودة عالية و البروتينات من مصادر معروفة و طبيعية.
في حين أنه تجدر الإشارة إلى ضرورة ابتعاد الأم عن تناول نبتة المرامية أو السالمية, لأن لها خصائص تجعل الجسم يتوقف عن إنتاج الحليب, فقد كان النساء يتناولونها عندما يعزمون على فطام الرضيع.
هل الغازات تمر لطفلي عبر الحليب ؟
في بعض الأحيان تظن الأمهات أن تناول الأطعمة التي تسبب لها الغازات مثل الملفوف و القرنبيط, سوف تسبب الغازات للرضيع أيضا. و الحقيقة أنه لا يمكن أن تنتقل الغازات من الأمعاء إلى دم الأم وفي النهاية إلى حليب الثدي حتى يشربها الطفل
لكن الذي قد يحدث، هو أن بعض البروتينات هي تمر في الدم ثم تنتقل إلى حليب الأم.و قد يكون بعض الأطفال حساسين تجاه بروتين معين مثل بروتينات حليب البقر, فيسبب لهم غازات و مغصا.
تستطيع الأمهات المرضعات أن يأكلن ما يحلو لهن, فالغالبية العظمى من الأطفال لا يعانون من أي مشاكل مع البروتينات الغذائية.
كما أن الغازات يمكن أن تتكون عند الطفل نتيجة لاضطرابات و لأسباب أخرى ، لا تتعلق بالضرورة بالطعام الذي تناولته الأم.
الرضاعة و الزيادة في الوزن :
تعتقد الأمهات أن الرضاعة الطبيعية ستجعلها أو جعلتها تكسب وزنا, و ذلك قطعا ليست له علاقة بالرضاعة. فعلى العكس, تحرق الأم أثناء فترة الرضاعة حوالي 500 سعرة حرارية في اليوم زيادة عن حالتها العادية.
قد تكون هناك عدة أسباب أخرى وراء زيادة الوزن, مثل الهرمونات العالية في الجسم, قلة أو انعدام الحركة و الرياضة, و أيضا الضغط .
و لفقدان الوزن يجب على الأم أن تتبنى أسلوب حياة صحي و متوازن :
- لا تجوعي جسدك ! امنحيه كل ما يحتاجه ليكون نشيطًا لكن ليس عن طريق تناول كمية أقل مما يريده ، بل عن طريق تناول المزيد مما يحتاجه. حاولي أن تأكلي كل ساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل مع التأكد من أن ما تأكلينه ليس سعرات حرارية فارغة ولكنه مليء بالعناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك.
- جدي طرقا للتخلص من التوتر و الضغط اليومي. أطلبي المساعدة ممن حولك حين تحتاجينها، و جربي أشياء تريحك و لو مجرد الذهاب في نزهة هادئة أو مشاهدة التلفاز
- لست مضطرًة لقضاء ساعات في صالة الألعاب الرياضية, كل نشاط صغير هو مهم, و شيئًا فشيئًا ستزيد قوتك ويساعدك ذلك على فقدان الوزن. جربي المشي لمسافات طويلة مثلا.
- اجعلي الفواكه والخضروات الجزء الرئيسي من نظامك الغذائي واستبدلي كل الدقيق الأبيض بالحبوب الكاملة لزيادة تناول الألياف, و استغني عن السكر أو قلليه جدا.
خلاصة :
التوازن هو سر كل شيء
جسمك لا يحتاج إلا للقليل من الإعتناء ليقوم بوظائفه الخارقة.
أنت بصدد بناء أساس قوي لطفلك و هذه مهمة كبيرة, لذلك فهذا هو أنسب وقت لتهتمي بنفسك, ارتاحي تحركي و كلي بجودة و لا تستحي من طلب المساعدة ممن حولك.